الثلاثاء، 24 مايو 2016

الاستراتيجية الثالثة لتطوير مخ طفلك

الاستراتيجية الثالثة 


تكلمنا في المقال السابق عن أنواع نوبات الغضب وهنا يجب ذكر أن المؤلف قد أوضح ان نوبات الغضب من المخ العلوي نادرًا ما تحدث (أظن أنها تكون واضحة لنا كآباء) وان ما يحدث غالبًا هو نوبات الغضب من المخ السفلي.

واليوم ستكون التدوينة عن الاستراتيجية الثالثة التي تمكنك من مساعدة تطور المخ العلوي لطفلك وأن يصبح أقوى ومتكامل أكثر مع المخ السفلي. 


خاطب ولا تحفز للغضب: خاطب (اجذب) المخ العلوي 

علينا ان نسأل أنفسنا، أي جزء من المخ نخاطبه أو نحفزه عند تعاملنا اليومي مع أطفالنا. هل نحن نخاطب المخ العلوي؟ أم نحفز غضب المخ السفلي؟ 


كنا في مطعمنا المفضل عندما غضب طفلي وترك الطاولة، بدأ بعض الناس ينظروا لي ولزوجي ليروا كيف سنتعامل مع هذا الموقف. في هذه اللحظة شعرت انا وزوجي بالضغط. 

فكرت في ان لدي خيارين، الخيار الأول: هي الطريقة التقليدية "الأوامر"، "توقف عن هذا واذهب إلى الطاولة واكمل طعامك وإلا لن تحصل على أي حلوى".

قد يكون هذا الخيار مناسبًا في بعض الأحيان، ولكنه سوف يحفز جميع أنواع المشاعر في مخه السفلي - الجزء الذي يسميه العلماء مخ الزواحف - وسوف يهاجمني طفلي مثل ما يحدث للزواحف عندما تتعرض للهجوم. 

أو الخيار الثاني: مخاطبة المخ العلوي في محاولة لتحفيز المزيد من التفكير - بدلًا من الهجوم.

عند اختيار الخيار الثاني فنحن نستخدم جميع التحديات اليومية العادية كفرصًا لمساعدة عقول أطفالنا على التطور والازدهار. لهذا اخترت الخيار الثاني.

ذهبت إلى طفلي ونزلت إلى مستوى عينيه وقلت له: "يبدو أنك غاضبًا، أليس صحيح؟" (تذكر استراتيجية: التواصل ثم إعادة التوجيه)، فقال بغضب: "نعم"، سألته عن السبب واكتشفت أنه كان غاضبًا لأن زوجي طلب منه أن يكمل نصف طبقه على الأقل ليحصل على الحلوى. أوضحت له أني ارى كيف يكون ذلك محبطًا وقلت له "أبيك جيد جدًا في التفاوض. قرر ما هي الكمية المناسبة لتأكلها واذهب وتكلم معه. اخبرني ان كنت تريد المساعدة". ربطت على رأسه ثم ذهبت إلى الطاولة ورأيته وهو يفكر.
في هذه الحالة بدأ مخه العلوي في المشاركة. فالأمر كان في الحقيقة حربًا مع مخه السفلي. بالرغم من اننا تجنبنا الانفجار ولكن مازال مخه السفلي مشتعلًا".
عاد طفلي وقال لأبيه غاضبًا: "أبي، انا لا أريد ان اكمل نصف طعامي وأريد الحلوى"، قال زوجي: "حسنًا، ما هي الكمية المناسبة من وجهة نظرك؟" 

قال: "10 معالق" (من المضحك ان 10 معالق كمية أكبر من نصف الطبق). قبل زوجي الاتفاق وجلس طفلي يأكل سعيدًا ثم أكل الحلوى وسعد الجميع. فاز مخه العلوي اليوم على المخ السفلي.

مرة أخرى، قد يكون الخيار الأول صحيحًا ومناسبًا. ولكنه سوف يضيع فرصة هامة على طفلى ليتعلم ان العلاقات تُقام على التواصل والمناقشة والاتفاق. سوف تضيع عليه فرصة الشعور بالقوة بأنه يستطيع القيام بخيارات ويوثر في البيئة من حوله ويحل المشاكل. باختصار، سوف تضيع عليه فرصة لتمرين وتطوير مخه العلوي. 
وأوضح أيضًا بالرغم من أننا اخترنا الخيار الثاني، ولكن كان علينا أن نعالج سوء السلوك الذي حدث. عندما بدأ طفلنا في الهدوء وفي التحكم في نفسه مرة أخرى ومستعدًا لاستقبال ما نقوله، تناقشنا في أهمية أن نبقى مهذبين ونستخدم الصفات الجيدة حتى عندما نكون غير سعداء. 



رأينا في هذه القصة كيف أن الام سألت نفسها: "أي جزء من المخ أريد مخاطبته الآن؟". قد تختار أن تتحدى طفلها وتأمره أن يوقف هذا السلوك. ولكن هذا الخيار سيحفز المخ السفلي وسوف يغلب على الطفل مشاعر الغضب والظلم. ولكن اختارت الأم التواصل مع مخه العلوي بمساعدته على التفكير في الموقف وايجاد طريقة ليتفاوض مع أبيه. 


دعونا نوضح نقطة: في بعض الأحيان لا يكون هناك أي مجال للتفاوض في الموقف بين الطفل والأب أو الأم. وأحيانًا تكون الاتفاقات غير مقبولة. فمثلا ان اقترح الطفل ان يأكل معلقة واحدة، ليس على الأب قبول ذلك.

ولكن بما أننا آباء نربي أطفالنا فلدينا الكثير من الفرص للتعامل معهم بطرق تخاطب وتطور مخهم العلوي. 

ففي كل مرة نقول لهم "اقنعني" أو "فكر في حلول تناسبنا معًا"، فنحن نعطي أطفالنا فرصة لممارسة مهارات حل المشكلات واتخاذ القرارات. فنحن نساعدهم أن يفكروا في التصرفات والعواقب المناسبة ونساعدهم على التفكير فيما يشعر به ويريده الآخرون. 

كل ذلك لأننا خاطبنا المخ العلوي ولم نحفز المخ السفلي.

موعدنا في التدوينة القادمة ان شاء الله مع الاستراتيجية الرابعة.